لِم “إفترى” باسيل على قائد الجيش؟
كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
حديث الساعة في لبنان “المعابر غير الشرعية”، بحيث زادت عمليات التهريب في الآونة الأخيرة، رغم انّ الجيش اللبناني اظهر تقدماً من خلال ضبط الحدود.
لكن من الطبيعي جداً انّ تتعرض تلك الحدود للاختراق لعدة عوامل ومئة سبب وسبب، من ابرزها التداخل الديموغرافي وجغرافي، بين ٣٣ بلدة لبنانية مع الجانب السوري، طول مسافة الحدود ايّ نحو 375 كيلومتراً، عدا عن المناطق المتنازع عليها بين لبنان وسوريا التي لغاية الآن لم يجر بين الدولتين ترسيمها وتحديدها، مثل عرسال ومعربون والقاع ورأس بعلبك ودير العشاير… كذلك شمالاً تحديدا في عكار بحيث يمكن اجتياز النهر الكبير في أماكن كثيرة، الى جانب سهل عكار، وادي خالد، جنيدر، وجبل اكروم، شدرا… الأمر الذي يتيح انتشار عشرات المعابر والمسالك التي يمكن استخدامها لتهريب البشر والبضائع والمواد الغذائية والمواشي والاسلحة على طول الحدود.
في مقابل جهود الجيش واستبساله لضبط المعابر غير الشرعية، لا يتعب لسان رئيس “التيار الوطنيّ الحرّ” جبران باسيل، من محاولة توجيه الاتهامات إلى المؤسسة العسكرية وقائدها، في محاولة لتحريض الرأي العام ضدّ العماد جوزاف عون، الأمر الذي له دلالات سياسية لم تعد خافية على أحد، في ظل استفحال الشغور الرئاسي، والتي تحمل في طياتها هدفاً واحداً لدى رئيس “التيار” هو الحؤول دون وصول قائد الجيش إلى القصر الجمهوري، فيكرر باسيل في كل فرصة نفس الاتهامات ضدّ عون، من دون أن يسميه، لا سيما خلال عشواته التي ينظمها “التيار” في المناطق والاقضية، كان آخرها عشاء هيئة الكورة، حيث قال: من المؤسف هو صمت الحكومة ووقوف الاجهزة الامنية متفرجة بحجة عدم وجود عناصر امنية كافية لاقفال الحدود البرية،” وسأل: “كيف هناك عناصر امنية كافية لاقفال البحر؟، واكثر من ذلك أصبح من صلب مهام بعض الاجهزة الامنية اتخاذ قرارات باعادة نازحين من أوروبا الى لبنان وعوضا عن أن يصروا على اعادتهم الى سوريا”، واضاف: “لا يوجد عناصر امنية لضبط البر ولكن هناك عناصر امنية لضبط البحر”.
لذا السؤال المطروح هنا: لماذا باسيل يصر على شن الهجوم المستمر الذي يسيء الى المؤسسة العسكرية؟ فيما الجواب اتى من اقرب المقربين، حين اكد وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم في حديث له منذ أيّام: أن وحدات الجيش تقوم بجهد لمواجهة ظاهرة النزوح السوري الجديد إلى لبنان عبر معابر غير شرعية. وقال الوزير سليم، خلال لقائه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، إن وحدات الجيش تمكنت في الأسابيع الأخيرة من منع دخول المئات من السوريين إلى الأراضي اللبنانية من المعابر غير الشرعية.
من جهة أخرى، يشرح قائد الجيش العماد جوزاف عون أمام الشخصيات السياسية التي تزوره في اليرزة، أنّه منذ 2019، يسيطر الجيش اللبناني على قرابة 80 في المئة من الحدود مع سوريا، قائلا: إن “ما يحول دون السيطرة على ما تبقى من الحدود، عدم ترسيمها والطبيعة الجغرافية المتداخلة، ما يتطلب أعداداً مضاعفة من العسكريين. علماً انّ الهجرة غير الشرعية بحراً لا يمكن ضبطها بالكامل، وتُعد اسهل نوعاً ما بحكم طبيعة الأرض المُنبسطة والسهلية عند البحر، والتي تختلف طبيعتها عن الأرض الجبلية والوعرة، كل ذلك يفتح العين على سوء إدارة الحدود من قبل السلطة السياسية التي تتحمل وحدها تبعات الامر، إن كان بحراً أو براً.
رغم ذلك، لم يتوانَ الجيش للحظة عن تحمل المسؤوليات المنوطة به على الحدود، اذ قام بتعزيز وجوده في المنطقة الحدودية، وركّز نقاط مراقبة إضافيّة عما كانت في السابق، وسيّر طائرات استطلاع للمراقبة، واستحدث حواجز ثابتة وكثّف كمائنه الليليّة، وضبط عمليّات تهريب الاشخاص، كما عمل الجيش على إقفال اغلبية المعابر غير الشرعية، ورفع أبراج مراقبة مُجهّزة بكاميرات وسواتر ترابيّة ووضع مكعبات إسمنتيّة، وإعادة إقفال الثغرات التي يتم فتحها فيها.
ففي شهر آب الفائت وفق مصادر أمنية ضبط الجيش اكثر من سبعة آلاف شخصاً حاولوا الدخول خلسة الى لبنان، غالبيتهم من الشباب الآتين من مدينتي ادلب ودرعا السوريتين، يأتي ذلك على وقع العمليات التطهيرية الذي يقوم به النظام السوري ضدّ الارهاب.