تقرير لـ”Responsible Statecraft” : كيف سيستفيد بوتين من مقتل بريغوجين؟
إذا كانت وفاة رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين والعديد من كبار قادة المجموعة في حادث تحطم طائرة يوم الخميس متعمدة بالفعل وبتوجيه من فلاديمير بوتين، فيمكن القول إن الرئيس الروسي قد تمكن من استعادة سلطته.
وبحسب موقع “Responsible Statecraft” الأميركي، “في الأشهر التي سبقت تمرد فاغنر، كان فشل بوتين في قمع الخلاف العام بين بريغوجين ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد بدأ في إضعاف صورته أمام النخبة الروسية كزعيم قوي. واليوم، لن يشكك سوى قِلة من الناس في روسيا في قدرة بوتين على استخدام القسوة الحاسمة. كانت قضية فاغنر بمثابة انهيار خطير لاستراتيجية بوتين الطويلة الأمد لإدارة النخبة، إلا أنه تمكن من الحفاظ على منصبه من خلال موازنة فصيل من النخبة ضد فصيل آخر، وبالتالي منع أي فرد أو مجموعة من أن تصبح مهيمنة للغاية، كما سعى إلى عدم خروج أي خلاف بين أعضاء النخبة إلى العلن وتهديد صورة نظامه واستقراره”.
وتابع الموقع، “إذا قرر بوتين في سيناريو معين أن يأخذ موقف مع طرف ضد آخر، فلن يقوم بالتخلص من الطرف الآخر، إنما سيتركه جانباً وسيضعه في مرتبة أدنى، شرط أن يبقى مخلصاً وأن يظهر احترامه للرئيس علناً. وكما جرى مع أحد ملوك تجارة النفط، ميخائيل خودوركوفسكي، فإن أي شخصية نخبوية تظهر كمنافس محتمل مستقل لبوتين سوف يتم استبعادها بطريقة أو بأخرى”.
وأضاف الموقع، “إن المسار الدقيق للأحداث التي أدت إلى وفاة بريغوجين ليس واضحًا وربما لن يكون كذلك أبدًا، كما وأنه ما من دليل حتى اللحظة يؤكد أن عملية القتل متعمدة من قبل الكرملين أو جهاز الأمن الروسي. إذاً، لا يسعنا إلا أن نتكهن بالسبب الذي قد يدفع بوتين إلى اتخاذ هذا المسار: إما أنه رأى في الصفقة التي تم بموجبها العفو عن بريغوجين إهانة له ومساً لصورته، وإما أن خرق زعيم فاغنر شروط الصفقة بالعودة إلى روسيا بدلاً من البقاء بهدوء في بيلاروسيا دفعه إلى الانتقام”.
وبحسب الموقع، “إن هذا المزيج من السلطة والمرونة من جانب بوتين كان موضع ترحيب بشكل عام من قبل النخب الروسية. كانت إحدى السمات الرئيسية للسياسة الروسية على مدى الجيل الماضي هي عدم ثقة النخب العميق في قدرتهم على إدارة خلافاتهم والحد منها دون أن يتمكن بوتين أو شخصية مثله من الحفاظ على النظام. فهم يخشون أنه إذا تم استبداله أو إضعافه بشدة، فإن خلافاتهم سوف تظهر إلى العلن وتدمر نظام الدولة برمته. مما لا شك فيه أن العديد من أفراد النخبة سيشعرون بالندم لأنهم سمحوا للأمور بالوصول إلى النقطة التي تم فيها قتل بريغوجين”.
وتابع الموقع، “أما بالنسبة لمستقبل فاغنر، فمن الواضح أن نية بوتين هي أن تستمر في العمل كوكيل لروسيا في أفريقيا وسوريا، وربما في بيلاروسيا. هذا الأسبوع، التقى نائب وزير الدفاع الروسي في ليبيا مع أمير الحرب المتمرد خليفة حفتر، في إشارة إلى أن الكرملين كان يسعى بالفعل إلى طمأنة عملاء فاغنر في إفريقيا بأن الدعم الروسي لن يتضاءل. لكن يكاد يكون من المؤكد أن فاغنر من الآن فصاعدا ستخضع لسيطرة الدولة الروسية، من خلال تعيين أحد الموالين لبوتين على رأسها ومراقبة عملياتها عن كثب. وبالمثل، من غير المرجح أن يكون للنهاية العنيفة لكبار قادة فاغنر تأثير كبير على الحرب في أوكرانيا. وقد وقع معظم المقاتلين العاديين في المجموعة الآن عقودًا مع الجيش الروسي النظامي”.
وأضاف الموقع، “على الرغم من أن روسيا كانت تعتمد بشكل كبير على القوى البشرية لدى فاغنر وبراعتها القتالية في عام 2022، إلا أنه بمجرد أن أكملت موسكو تعبئتها العسكرية الجزئية منذ أواخر العام الماضي، أصبحت فاغنر أقل أهمية بكثير بالنسبة للمجهود الحربي الروسي. كما وأصبح الجيش الروسي الآن في وضع جيد يسمح له بمواصلة استراتيجية الاستنزاف في أوكرانيا دون الحاجة إلى دعم فاغنر”.
ورأى الموقع انه “وفي الوقت الحاضر فإن أي افتراض بأن بوتين هو الذي قتل بريغوجين من شأنه أن يثبط عزيمة المنافسين السياسيين المحتملين للكرملين. ومع إقالة الجنرال سيرغي سوروفيكين مؤخراً من منصبه كرئيس لقوات الفضاء الجوية الروسية، واعتقال الناقد القومي المتشدد إيجور ستريلكوف، فقد أرسل الكرملين إشارات قوية إلى جناح اليمين السياسي المضطرب في روسيا مفادها أن معارضة الدولة لن يتم التسامح معها”.
وختم الموقع، “مع ذلك، لا يزال يتعين كتابة الفصل الأخير في هذه القصة. فعلى الرغم من أن بوتين قد تغلب على انقلاب فاغنر الفاشل، إلا أن مصيره السياسي على المدى الطويل يظل غير مؤكد على الإطلاق. وهناك عامل واحد يلوح في الأفق، وهو مسار الحرب في أوكرانيا”.