اقتصاد

هل تهدد بريكس النفوذ الاقتصادي الغربي؟

23 آب, 2023

منذ انطلاقها عام 2009، أعلنت مجموعة بريك (بريكس لاحقا، بعد انضمام جنوب أفريقيا عام 2010) هدفها: تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية يتحدى سيطرة الدول الغربية الكبرى على الاقتصاد العالمي، وبالخصوص مجموعة G7 التي تمثل نحو 27 بالمئة من الاقتصاد العالمي وتضم عشرة بالمئة من سكان العالم (نحو 770 مليون شخص).

وتمثل مجموعة بريكس، المكونة من دول الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، نحو 25 بالمئة من الاقتصاد العالمي، لكنها تضم نحو 40 بالمئة من سكانه.

وتحاول المجموعة، أو على الأقل الصين وروسيا، توسيع بريكس لتضم دولا أخرى، قد تشمل الإمارات والسعودية، كما أن هناك دولا أخرى – وصل عددها إلى عشرين – ترغب أو تدرس الانضمام.

ونظريا، ستكون للمجموعة – في حال اكتمل التوسيع – قوة اقتصادية موازية أو تفوق قوة مجموعة G7، لكن محللين تحدثوا لموقع “الحرة”، أعربوا عن شكوكهم في أن تكون القوة الحقيقية للمجموعة قابلة للقياس نسبة إلى ما تمثله دولها من حجم الاقتصاد العالمي.

وفي مقاله المنشور في صحيفة فاينانشيال تايمز، يقول المحلل الاقتصادي، بول مكنمارا إن البريكس ليست منظمة اقتصادية فعالة لأنها تزاوج بين قوة اقتصادية عظمى في الصين وقوة محتملة في الهند مع ثلاثة مصدرين للسلع الأساسية راكدين اقتصاديا “بشكل أساسي”.

ويشير مكنمارا إلى الاختلاف الواضح بين اقتصادات دول المجموعة “من حيث التجارة والنمو والانفتاح المالي”. بشكل يعيق تكامل دول المنظمة.

وتشير أحدث بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن حصة الصين تبلغ 73 في المائة من مجموع الاقتصادات الممثلة في بريكس.

توسيع الانقساماتوقالت إيران، التي تضم نحو ربع احتياطيات النفط في الشرق الأوسط، إنها تأمل في أن يتم تحديد آلية العضوية الجديدة “في أقرب وقت ممكن”.

ويقول زميل معهد هدسون، الباحث والمحلل الأميركي ريتشارد وايتز، إن توسيع المجموعة، سيسهم على الأغلب بتوسيع الانقسامات بين أعضائها.

ولا يرجح وايتز، الذي تحدث لموقع “الحرة”، أن تتمكن روسيا والصين من السيطرة على الأجندات المختلفة للدول الأعضاء، خاصة بعد التوسيع.

كما إن العلاقات التجارية للدول المرشحة للانضمام، مع الغرب، يمكن أن تعرقل رسم سياسة محددة تناوئ، أو على الأقل تنافس الاقتصاد الغربي.

وفي حديثه للصحفيين في واشنطن الثلاثاء، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان إنه لا يرى أن بريكس ستتحول إلى منافس جيوسياسي للولايات المتحدة.

ولعب سوليفان على وتر الخلافات، مؤكدا “هذه مجموعة متنوعة للغاية من البلدان، مع وجود اختلافات في وجهات النظر حول القضايا الحرجة”.

“مواجهة الغرب”
تأسس الاتحاد كنادٍ غير رسمي في عام 2009 لتوفير منصة لأعضائه لتحدي النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، وفقا لرويترز.

كانت جنوب أفريقيا، أصغر عضو من حيث النفوذ الاقتصادي وعدد السكان، أول المستفيدين من توسيع الكتلة في عام 2010 عندما أصبح التجمع يعرف باسم بريكس.

وأعربت أكثر من 40 دولة كما تشير شبكة CNBC، بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين والجزائر وبوليفيا وإندونيسيا ومصر وإثيوبيا وكوبا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجزر القمر والجابون وكازاخستان، عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس.

وفي كلمته، الثلاثاء، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ “في الوقت الحالي، تتكشف التغيرات في العالم وفي عصرنا وفي التاريخ بطرق لم يسبق لها مثيل، مما يدفع المجتمع البشري إلى منعطف حرج”.

ودفعت التوترات المتصاعدة في أعقاب حرب أوكرانيا والتنافس المتزايد بين بكين والولايات المتحدة الصين وروسيا إلى السعي لتعزيز بريكس.

لكن المجموعة ليست موحدة بالكامل بما يخص الموقف من الغرب، حيث تعتبر الهند شريكا مهما للولايات المتحدة، وهي معروفة بموقفها المتحفظ تجاه توسيع المجموعة.

كما أن البرازيل، على لسان رئيسها لولا دا سيلفا أكدت أنها لا تريد لبريكس أن “تكون نقطة مقابلة لمجموعة G7 أو G20 أو الولايات المتحدة”، مضيفا من جوهانسبرغ “نريد فقط أن ننظم أنفسنا”.

وعلى عكس G7 حيث تتمتع الدول الأعضاء كلها باقتصادات عملاقة، وأنظمة ديمقراطية، وسياسة خارجية متسقة نسبيا، فإن مجموعة البريكس تتباين من الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى جنوب أفريقيا، التي لا يعد اقتصادها ضخما بشكل خاص.

الابتعاد عن الدولار

مع هذا، تحاول روسيا الدفع بخطتها للابتعاد عن التعامل بالدولار في التعاملات الداخلية لأعضاء الكتلة.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي لم يحضر القمة لتجنيب جنوب أفريقيا مأزقا ديبلوماسيا يتعلق بتنفيذ مذكرة دولية لاعتقاله، إن “العملية الموضوعية التي لا رجعة فيها لإزالة الدولار من علاقاتنا الاقتصادية تكتسب زخما”، وفقا لشبكة سي أن أن.

وأدلى بوتين بتصريحاته في بيان مسجل مسبقا، وناب عنه وزير خارجيته، سيرجي لافروف في الحضور إلى جوهانسبرغ.

ويقول المنظمون في جنوب أفريقيا إنه لن تكون هناك مناقشات بشأن عملة بريكس الموحدة وهي فكرة طرحتها البرازيل كبديل للاعتماد على الدولار.

ويعتقد المحلل ريتشارد وايتز إن “عملية التحول نحو عملات غير الدولار تسير بشكل أبطأ مما كان متوقعا”.

ويضيف لموقع “الحرة” أن “محاولة روسيا والهند استبدال الدولار في تجارتهما انعكست سلبا على روسيا التي تمتلك الآن مليارات الروبيات الهندية التي لاتعرف ماذا تفعل بها”.

لكنه يقول إن العملة الصينية قد تكون بديلا أكثر شعبية من عملات أخرى مثل الروبل الروسي والروبية الهندية.

ووفقا لوايتز فإن “المستقبل قد يحمل انخفاضا في تأثير الدولار عالميا، لكن هذا الأمر يجري بوتيرة بطيئة جدا حاليا”.

وسيعقد قادة بريكس خلوة مصغرة وعشاء مساء الثلاثاء حيث من المرجح أن يناقشوا إطارا ومعايير لقبول دول جديدة.

وقال وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا يوم الاثنين إن الهند التي تشعر بالقلق من الهيمنة الصينية وحذرت من التسرع في التوسع لديها “نوايا إيجابية وعقل منفتح”.

وفي الوقت نفسه، تشعر البرازيل بالقلق من أن توسيع بريكس سيضعف نفوذها، على الرغم من أن لولا كرر الثلاثاء رغبته في رؤية جارته الأرجنتين تنضم إلى التكتل.

كما رحب بانضمام السعودية والإمارات المفترض إلى التكتل.

ويقول المحلل وايتز إن “الانضمام المفترض للسعودية والإمارات لا يعني الابتعاد عن التحالف مع واشنطن”.

ويضيف أن دبي والرياض “انتهجت سياسة الحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع”، وهما تحاولان، بالإضافة إلى بلدان أخرى مثل العراق، تنويع تحالفاتهما الدولية.

وقال مصدر حكومي أرجنتيني مشارك في مفاوضات البلاد للانضمام إلى بريكس لرويترز إنه من غير المتوقع قبول أعضاء جدد في التكتل خلال القمة.

وقالت الأرجنتين في يوليو 2022 إنها تلقت دعما رسميا من الصين في سعيها للانضمام إلى المجموعة.(الحرة)

شارك الخبر: