وجبة العشاء.. الحاضر الأبرز في الأفلام والمسلسلات
احتفظت وجبة العشاء بقيمتها العالية في المخيلة الإنسانية في جانبيها، الرسمي والشعبي. فظهرت في الثقافات المحلية والعالمية كسمة للترف أو وجبة فرعية مرتبطة بالجوع، في بعض الثقافات والمجتمعات. ودوَّنت السينما العربية والعالمية من خلال الأفلام الطويلة ومن خلال لوحات فنية وجداريات شهيرة، دور هذه الوجبة في تشكيل ثقافة الحوار، وتطور الإنسان حضارياً واجتماعاً.
ونظرت هوليوود الحديثة إلى حكاية وجبة العشاء بوصفها وجبة الاحتفالات والمناسبات السعيدة والاستثنائية، التي تتجلى فيها بعض مشاعر الإنسان الحميمة والدافئة، إذ يتحدد خلال حوار موائد العشاء أحياناً، مصائر أمم وشعوب وحضارات بأكملها. وقدمت هوليوود أعمالاً توضح هذه الفكرة من منظورين رئيسين، الأول أجاد التعامل مع تراث طويل تمتعت به هذه الوجبة من دون بقية وجبات النهار، على مدى قرون من الزمن، لتنتج منها قصصاً تحمل طابع الدراما والجريمة والإثارة والتشويق كما في فيلم “عشاء” للمخرج أورين موفمان وبطولة ريتشارد غير. أما المنظور الثاني، فهو منظور أكثر حداثة، لكنه هزلي، يسخر بشدة من بعض جوانب البروتوكولات المتشددة أثناء تناول الطعام.
من جانبها احتفظت المخيلة الشعبية الغربية بمكانة وجبة العشاء بوصفها الوجبة المركزية على رغم من تغير الزمن والتحذيرات الصحية. واستمر التعبير عن قيمة تناول الطعام ليلاً بشكل رومانسي، وبشكل رمزي، من خلال تسميات حديثة عدة، أشهرها عشاء عاطفي أو عشاء العمل، إذ يدعو الأصدقاء والزملاء والشركاء بعضهم إلى مطاعم فاخرة، ذات إطلالات مميزة، ويكون الحضور بأزياء رسمية وضمن بروتوكولات معينة في كثير من الأحيان.
في السينما
في فيلم “العشاء” 2017 يلتقي على مأدبة العشاء مدرس التاريخ بول لوهمان (ستيف كوجان) وزوجته كلير (لورا ليني) وشقيق بول عضو الكونغرس ستان (ريتشارد جير) وزوجة كاتلين (ريبيكا هول)، وتتطور الأحداث التي بدأت خلال الوجبة الشاعرية لتصبح في غاية الشراسة وتصل إلى مرحلة الجريمة. في المقابل في فيلم “عشاء للأغبياء”، ينظم صاحب عمل عشاء شهرياً لاختيار مدير تنفيذي من أكثر المدعوين حماقة. بدورها نجحت المخيلة الأدبية العربية الشعبية إلى التعبير عن هذه القيمة الإنسانية، من خلال السينما المصرية، عبر مفهوم الجوع الذي يؤدي إلى تناول الطعام بنهم شديد في إطار الكوميديا المحضة، وقدمت من خلال هذا المفهوم المجرد، شخصية الإنسان السمين (ذكراً أو أنثى)، لينتج عنها بعض أكبر أسماء الكوميديا الذين ظهر بعضهم في فترة الأبيض والأسود بدءاً من عبدالفتاح القصري (1905-1964)، مروراً بجورج سيدهم وعلاء ولي الدين ويونس شلبي وآخرين.