بنقش الزيتون والسمك أصبحت رمزاً… كيف غزت الكوفية العالم؟
خلال عطلة عيد الشكر، أطلق رجل النار مناصرة لإسرائيل، على ثلاثة طلاب جامعيين فلسطينيين في ولاية فيرمونت الأميركية، لأن اثنين منهم يرتديان الكوفية، في جريمة بأنها ضمن “جرائم الكراهية” التي ازدادت مؤخراً بسبب الحرب على غزة.
فما سر هذا الوشاح ولماذا ارتبط بفلسطين؟
على الرغم من أن الكوفية يتم ارتداؤها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا أنها أصبحت تُعرف في العقود الأخيرة بشكل خاص كرمز للهوية الفلسطينية.
ففي الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم وسط الحرب بين إسرائيل وحماس، ارتدى المتظاهرون الأوشحة حول أعناقهم أو استخدموها لتغطية وجوههم.
إلا أن أصل هذا الوشاح يعود إلى سنوات طويلة خلت، حينما كان يرتديها في الأصل الرعاة والمزارعون، ثم أصبحت قطعة مميزة من الملابس على مستوى العالم، يرتديها الثوار والناشطون المناهضون للاستعمار وما شابه.
في حين لا يزال كبار السن والمزارعون يرتدونها كأغطية الرأس التقليدية.
ما هي الكوفية؟
هي وشاح تقليدي يتم ارتداؤه في أجزاء كثيرة من الشرق الأوسط، عادةً ما يكون إما باللونين الأسود والأبيض أو الأحمر والأبيض، ويتميز بأنماط مختلفة في جميع الأنحاء وشرابات على حافته.
فقد أوضحت وفاء غنيم، الباحثة والمنسقة المتخصصة في تاريخ الملابس الفلسطينية، إنه حتى العشرينيات من القرن الماضي، كان يرتدي الكوفية التي تسمى أيضا الحطاح أو الشماغ في الغالب رجال من البدو الرحل في فلسطين التاريخية، وفقا لشبكة CNN.
وتابعت أن الرسومات المنسوجة في كل كوفية تعكس جوانب مختلفة من أرض فلسطين، مثل شجرة الزيتون وشبكة صيد السمك.
في حين ارتبطتت بفلسطين لأن مناهضي الاستعمار الانجليزي ارتدوها كي يحمو أنفسهم من بطشه، وذلك لتغطية رؤوسهم.
وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين والأشخاص من أصل عربي حول العالم، تعتبر الكوفية بمثابة رابط مهم لثقافتهم.
إلا أن ما زاد من شهرتها كثيرا الرئيس ياسر عرفات، الذي اعمدها في لباسه حتى في أكثر الأوقات رسمية كالقمم العربية والدولية.
بالإضافة إلى رمزها للهوية الثقافية، اتخذت الكوفية أيضا بعدا سياسيا، مثل العديد من الملابس الأخرى المرتبطة بالتراث الثقافي أو الديني والقومية.
تاريخ حافل
يعود هذا البعد السياسي إلى ثلاثينيات القرن الماضي، أي خلال الثورة العربية، بين عامي 1936 و1939، عندما سعى الفلسطينيون إلى إنهاء الاحتلال البريطاني وإقامة دولة مستقلة خاصة بهم، ارتدى الفلسطينيون من مختلف الطبقات الاجتماعية والأديان الكوفية السوداء والبيضاء رمزا لتضامنهمأحيانا، وأحيانا أخرى للحماية من بطشه.
وخلال الستينيات، كان هناك عودة أخرى للكوفية كرمز سياسي، حيث يرتدي الرجال والنساء الوشاح بعد أن أطل ياسر عرفات به، مما عزز الوشاح كرمز للنضال الوطني الفلسطيني.
أما مؤخراً أ] في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الأخيرة في جميع أنحاء العالم، فشجع المنظمون الحاضرين على ارتداء الكوفية لإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني، إلا أن الأمر أخذ منحاً خطراً، حيث ذكرت شبكة CNN أن أحد المتظاهرين في فرنسا قال إنه تم تغريمه 135 يورو لارتدائه الكوفية بعد أن حظرت البلاد جميع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
وبات ارتداء الكوفية قد يعرض مرتديها أيضا لمشاعر معادية للفلسطينيين أو كراهية كما حدث مع الطلاب الفلسطينيين في أميركا قبل أيام.
وبعد جريمة الكراهية الأخيرة، حذّر ناشطون خصوصا مارتداء الكوفية في مثل هذه المجتمعات، خوفا من حوادث مماثلة.
يذكر أن الكوفية لم تعد رمز نضال فقط، فإضافة إلى كونها دلالة على الهوية الوطنية، دخلت الكوفية أيضا إلى عالم الموضة السائدة، وفي أهم أسماء الأياء العالمية. (العربية)