دراسة: الغبار الكوني «مصانع كيميائية» تصنع اللبنات الأولى للحياة

كشف علماء أن جسيمات الغبار الكوني المنتشرة في الفضاء لا تُعد مجرد ذرات خاملة، بل تعمل كمصانع كيميائية مجهرية تُحوّل الجزيئات البسيطة إلى مركّبات معقدة تُعتبر من اللبنات الأساسية للحياة.
وأظهرت دراسة دولية أجراها باحثون من جامعة هيريوت-وات في إدنبرة بالتعاون مع فرق علمية من ألمانيا والولايات المتحدة، ونُشرت في مجلة The Astrophysical Journal، أن الغبار الكوني يعمل كمحفّز فعّال يساعد الجزيئات على التفاعل رغم البرودة الشديدة والفراغ في الفضاء، ما يتيح تكوين مركّبات أكثر تعقيداً.
وشرحت الدراسة أن التفاعلات السطحية بين جزيئات شائعة في الفضاء مثل ثاني أكسيد الكربون والأمونيا لا تكون فعّالة إلا في وجود الغبار، حيث تقود إلى تكوين مركّب «كربامات الأمونيوم» الذي يُشبه كيميائياً اليوريا وعدداً من الجزيئات الحيوية الأخرى.
وقال البروفيسور مارتن ماكوكسترا، المتخصص في الكيمياء الفلكية، إن الغبار «يوفّر أسطحاً تلتقي عليها الجزيئات لتتفاعل وتكوّن مركّبات أكثر تعقيداً»، مؤكداً أن ما يُسمّى بـ«الكيمياء الغبارية» يُعد في بعض مناطق الفضاء شرطاً أساسياً لتكوين اللبنات الجزيئية الأولى للحياة.
وفي ألمانيا، استخدم فريق الدكتور أليكسي بوتابوف نماذج مخبرية على شكل «شطائر غبارية» مكوّنة من طبقات رقيقة من ثاني أكسيد الكربون والأمونيا تفصل بينها حبيبات سيليكات مسامية لمحاكاة الغبار الكوني. وعند تجميد العينات عند درجة حرارة –260 مئوية ثم تسخينها إلى –190 مئوية، تفاعلت الجزيئات عبر طبقة الغبار لتكوين كربامات الأمونيوم، بينما لم تُسجّل التفاعلات بالكفاءة نفسها في غياب الغبار.
وأوضح بوتابوف أن الغبار الكوني يوفّر «بيئات ميكروية» تسمح للجزيئات بالتطوّر إلى أشكال أكثر تعقيداً، ما يعزز احتمالات تكوّن مركّبات عضوية حتى في درجات حرارة شديدة الانخفاض.
ويعتزم الفريق العلمي مستقبلاً دراسة إمكانية تكوّن جزيئات أخرى بالطريقة نفسها، والتحقّق من حدوث هذه الكيمياء المدعومة بالغبار في الأقراص الكوكبية الأولية، حيث تتشكّل الكواكب الجديدة.
