منوعات

دراسة.. عن القبلة الأولى في التاريخ

20 تشرين الثانى, 2025

أشارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Evolution and Human Behavior الأميركية إلى أن أول قبلة في التاريخ قد يعود إلى فترة تتراوح بين 16.9 و21.5 مليون سنة، أي قبل ظهور الإنسان الحديث بوقت طويل. وتستند الدراسة إلى أدلة تشير إلى أن هذا السلوك ربما بدأ لدى أسلاف الرئيسيات الكبيرة، إذ تُعدّ هذه الفصيلة—التي تضم القردة العليا والقرود البدائية—من أوائل الكائنات التي مارست أشكالاً مبكرة من القبلة.

وجاء في الدراسة أن تبادل القبلة يُعدّ سلوكاً شائعاً بين جميع أنواع القردة العليا الحية اليوم، ما يجعل من المرجح أن يكون هذا السلوك قد ظهر لدى إنسان نياندرتال (Homo neanderthalensis) وأسلاف البشر المعاصرين أيضاً. وتشير البيانات المتوفرة إلى أن هذا الفعل كان جزءاً من التواصل الاجتماعي لدى هذه المجموعات منذ ملايين السنين، وهو ما يدعم الفرضية القائلة بأن التقبيل ليس ابتكاراً بشرياً حديثاً، بل جذورُه ضاربة في عمق التطور.

ويعرّف الباحثون “القبلة” بأنها تفاعل اجتماعي موجّه غير عدائي، يتضمن اتصالاً فموياً أو حركات للشفاه دون ارتباط بعملية إطعام. ومن هذا المنطلق، تبدو القبلة سلوكاً موجوداً لدى طيف واسع من الحيوانات، بينها النمل وبعض أنواع الطيور وحتى الدببة القطبية، إلا أن هذا السلوك يبرز بشكل خاص بين الرئيسيات، حيث يمكن ملاحظته بوضوح في تفاعلاتها اليومية.

وتلفت الدراسة إلى أن التقبيل يمثل لغزاً تطورياً، إذ إنه لا يقدم فائدة مباشرة للبقاء أو للتكاثر، بل قد ينطوي على مخاطر، أبرزها زيادة احتمالات انتقال الأمراض عبر التلامس الفموي. ورغم ذلك، يعتقد الباحثون أن هذا السلوك ربما ظهر نتيجة الانتقاء الجنسي بعد التزاوج، أي نوع من الانتقاء الطبيعي يحدث بعد حدوث التزاوج، ويساهم في تقوية الروابط الاجتماعية وتحسين فرص التزاوج المستقبلي.

ويشار إلى أن الأدلة الأثرية المكتشفة حديثاً تدعم أيضاً قدم هذا السلوك؛ ففي مايو 2023، نشرت مجلة Science دراسة كشفت أن أقدم سجلات التقبيل الموثقة تعود إلى نحو 2500 قبل الميلاد، أي قبل ألف عام مما كان يعتقده العلماء سابقاً. وهذا يعزز الفكرة القائلة بأن التقبيل ليس مجرد تعبير حديث عن الحميمية، بل ممارسة موغلة في القدم رافقت تطور الإنسان عبر العصور.

وتخلص الدراسة إلى أن التقبيل، رغم غموض دوافعه التطورية، شكّل جزءاً أساسياً من سلوك الرئيسيات وأسلاف البشر منذ ملايين السنين، وهو ما يمنحه أهمية خاصة في فهم تطور السلوك الاجتماعي عبر التاريخ.

شارك الخبر: