منوعات

فوائد مذهلة للمسة الأم على مولودها الجديد

20 تشرين الثانى, 2025

توصل عدد من الخبراء والمتخصصين في طبّ الأطفال ورعاية الأمومة إلى نتيجة مفادها أن الساعة الأولى بعد الولادة تُعدُّ «ساعة ذهبية» بكل ما للكلمة من معنى، سواء للأم أو لمولودها الجديد. وتنبع أهمية هذه الساعة من تأثير التلامس الجسدي المباشر بين جلد المولود وجلد الأم، وهو ما يُعرف طبياً بـ التلامس الجلدي Skin-to-Skin Contact. هذا النوع من التواصل اللحظي، الذي يبدأ فور خروج الطفل إلى الحياة، أثبتت الدراسات أنه يحمل فوائد متعددة تؤثر إيجاباً على صحة الطفل الجسدية والنفسية، كما ينعكس أيضاً على صحة الأم الجسدية والعاطفية.

وبحسب ما أوردته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن الخبراء وجدوا أن أول 60 دقيقة من التلامس المستمر بين الأم وطفلها تلعب دوراً حاسماً في تنظيم وظائف جسم المولود التي تكون في تلك اللحظة شديدة الحساسية. فعند وضع الطفل مباشرة على صدر أمه، يعمل جسم الأم بشكل تلقائي على توفير البيئة الحرارية المناسبة له، مما يساعد في تنظيم درجة حرارة جسمه التي غالباً ما تكون غير مستقرة في اللحظات الأولى بعد الولادة. كما يساهم هذا التلامس في تحسين نمط تنفس الطفل، إذ يُظهر المولود استجابة فسيولوجية سريعة تساعده على التنفس بانتظام، إضافة إلى دوره في تقليل مخاطر انخفاض نسبة السكر في الدم، وهي مشكلة قد تواجه الأطفال حديثي الولادة نتيجة تغيّر نمط الغذاء المفاجئ بعد الولادة.

ولا تقتصر أهمية التلامس الجلدي على المولود فحسب، بل تعود فائدته على الأم كذلك بشكل مباشر. فمجرد ملامسة الطفل لجسدها يحفّز إفراز هرمون الأوكسيتوسين المعروف بهرمون الحبّ والترابط، وهو الهرمون المسؤول أيضاً عن تعزيز انقباضات الرحم بعد الولادة، وبالتالي الحد من نزيف ما بعد الولادة. كما يلعب الأوكسيتوسين دوراً أساسياً في تحفيز إفراز الحليب، مما يساعد الأم على بدء الرضاعة الطبيعية بسهولة ويساهم في تعزيز الروابط العاطفية بينها وبين طفلها في اللحظات الأولى.

ويُوصي الخبراء بأن يتم وضع الطفل فور ولادته ووجهه للأسفل على بطن أمه، ثم تغطية جسديهما معاً للحفاظ على الحرارة والاستقرار العاطفي. هذا الوضع لا يمنح الطفل شعوراً بالأمان فحسب، بل يساعد أيضاً في خفض مستوى الأدرينالين لدى الأم، مما يمنع تأثيره السلبي على إفراز هرموني الأوكسيتوسين والبرولاكتين الضروريين للرضاعة الطبيعية. وكلما أسرعت الأم في احتضان طفلها، زادت مستويات الأوكسيتوسين في جسدها، مما ينعكس إيجاباً على مزاجها ويقلّل احتمالات التوتر والاكتئاب بعد الولادة.

وبالرغم من بعض المعلومات الشائعة التي تحذّر من حمل الطفل طويلاً بحجّة أنه سيعتاد على ذلك، يؤكد الخبراء أن هذه الفكرة خاطئة، وأن حمل الطفل لا يؤدي إلى تدليله الزائد أو اعتماده المفرط على الأهل كما يعتقد البعض. بالعكس تماماً، فإن حمل المولود يُعتبر حاجة بيولوجية ونفسية أساسية، إذ يمنحه شعوراً بالأمان والاستقرار خلال أسابيعه الأولى في الحياة.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن فوائد حمل الطفل تتجاوز مجرد توفير الدفء له. فالتواصل اللصيق مع أحد الوالدين يساهم في تقليل نوبات البكاء، وينظّم التنفس ومعدل ضربات القلب، كما يدعم النمو العصبي للطفل. كذلك، فإن الأطفال الذين يُحملون لفترات أطول خلال الأشهر الأولى غالباً ما يظهرون نمواً أفضل في الوزن ونمطاً صحياً من النوم، إضافة إلى تطور أسرع في الارتباط العاطفي.

أما من ناحية الوالدين، فإن حمل الطفل يعزز الشعور بالمسؤولية والارتباط العاطفي، ويقلل من مستويات التوتر، ويساعد في فهم احتياجات الطفل بشكل أفضل. كما يُعدّ وسيلة فعّالة لتهدئة الرضيع بعد الولادة، إذ يمنحه شعوراً قريباً من البيئة التي كان يعيش فيها داخل الرحم، من حيث الإيقاع والتناغم وسماع دقات قلب الأم.

في النهاية، تُجمع الأبحاث الطبية والنفسية على أن الساعة الأولى بعد الولادة ليست مجرد وقت للراحة بعد المخاض، بل هي لحظة تأسيسية تؤثر في حياة الأم وطفلها على المدى الطويل. التلامس الجلدي وحمل المولود ليسا مجرد تفاصيل صغيرة، بل هما جزء من منظومة طبيعية متكاملة خلقها الله لتعزيز الترابط، ودعم النمو الصحي، وحماية صحة الأم والمولود في آن واحد.

شارك الخبر: